الجمعة، 31 يوليو 2009

إعتـــــــذار قلــــــــــم.....




إعتـــــــذار قلــــــــــم.....



يعتذر قلمي
فما حصل ..
لم يكن إلا..
جنوني الإعتيادي..
ضجيج هش
لإنصهار قلبك الغض..
مع فؤادي
او بالإمكان القول ..
إختفاء صاخب..
لبقايا الشر في عمقي
او إنه ..
حفل إنتهاء حدادي
تتراكم السنون..
وتتراكم معها ..
تناهيد الشجن
ترانيم طيف خجول..
أضناه الوهن
يكبله إنكفائه الحزين..
على مشجبة العتاب
يجعله ميتا..
كموت الصنم
تاخدني لياليَ المضجرة..
الى أقرب مكان اليك..
الى تضاريس العدم
حيث لا أفقه من حروفي
بقدر ما يفقه المربع ..
في زوايا الهرم
اقبع هناك..
لتتقاذفني كفوف السقم
أنتظر انتهاء لعنة البعاد..
ذو الصدى
قبل أن ينتهى صبري..
قبل أن تاخذني ..
متاهات الردى
وأن اظفر بنشوة الوصال قريبا?..
دعي روحي ترتوي..
من شهد هذا الحلم
تتدرج تناقضاتي هذه عبر قلمي
ولعلك أدركتي سيدتي ..
كم مجنون هو..
صاحب هذا القلم
مرة اخرى..
واخرى..
كم مجنون هو..
صاحب هذا القلم

الأحد، 26 يوليو 2009

جـــــــــــــــــــــمال ....(4)





استغرق جمال بضع لحظات محاولا استيعاب ما حصل منذ دقائق لقد احس بصدمة لم يسبق لها مثيل فها هي

الحياة تواصل لعبتها الدنيئة معه وتواصل اقصاء احلامه الواحد تلو الاخر لقد سلبت منه الارادة وقتلت فيه الطموح

مغلقة كل المنافذ في وجه وتذكر حينها كلمات صديقه اسعد الذي هاجر الى خارج البلاد بعد ان سُدت كل الابواب

في وجهه هو الاخر وحاول عبثا دفع جمال الى الهجرة معه الا ان هذا الاخير قد استبعد الفكرة خاصة انه الوحيد

الباقي للاعتناء بوالدته

ضلت هذه الافكار تدور في راس جمال الذي كان يجوب الشوارع هائما دونما أي تركيز بل انه حتى لم يدري اين

كانت قدماه تحملاه واستمر على هذا الحال حتى انتبه ان الشمس قد بدات رحلتها نحو المغيب وان حلول الظلام

لا يبعد الا بضع دقائق فقرر العودة الى المنزل ولم تكد هذه الفكرة ان تدخل طور التنفيذ حتى سمع صوت الاذان

يرتفع من احد المساجد القريبة و وسط حالته هذه شعر انه في حاجة ماسة الي التقرب لله فتتبع مصدر الصوت

حتى وصل اليه

مرت الدقائق قبل انتهاء الصلاة وخرج جمال وبعض الطمأنينة قد سكنت قلبه الا ان تلك الافكار السوداوية قد

ضلت تجتاح مخيلته واتجه صوب منزله وما ان دخله حتى استقبلته امه والارتياح يبدوا على محياها : الحمد لله

على سلامتك يا ولدي اين كنت لقد ذهبت الى المستشفى فاخبروني بانك غادرتها ؟

لم يدري ما الذي دفعه الى هذا فبدون مقدمات انفجر باكيا وارتمى في حضن والدته التي اعتراها القلق وقالت

الابنها في خوف: ماذا بك يابني هل اخبرك الاطباء بشي ؟ هل انت بخير اخبرني؟

مرت لحظات قبل ان يتوقف عن البكاء وطمأن امه وجلس كي يخبرها كل الاحداث التي مرت به وعن حنان واحلام

وظلت الأم منصتة في اهتمام لكل كلمة يقولها حتى فرغ جمال من الحديث فقالت: اه يا ولدي كم عانيت ........

ولماذا لم تخبرني بهذا من قبل ؟

- لا ادري فقد تسارعت الاحداث في اليومين الماضيين ولم اجد الفرصة ولكن هل اخطات في ما فعلت؟

اخبريني يا أماه ماذا افعل؟

- يا بني ان كنت تحب هذه الفتاة فعلا وكنت قد اخترتها شريكة لحياتك وطالما انها فتاة طيبة فلا تجعل

مرضها يقف عائقا في طريقكما بل ان الله سيجزيك خيرا على عنايتك بها في مرضها ولكن يجب ان تعرف موقفها

.... يا بني لقد كنت طول عمرك نعم الابن وتحملت العذاب والهم وعملت جاهدا لقد حان الوقت لك كي تشعر

بالسعادة اذهب يا بني وابحث عن عائلتها واطلب منهم ابنتهم لكن قبل ذلك حاول ان تكلمها وتفهم موقفها اولا

اما الأن فحاول الخلود الى الراحة قليلا ريثما اجهز لك العشاء

رجعت الروح الى جمال بعد كلمات امه وانفرجت سريرته الا انه ضل قلقا بعض الشيء خاصة عندما يتذكر ردة

فعل حنان حين طلب منها الزواج واكمل عشائه واتجه لفراشه كي ينام مبيتا النية بان يذهب صباحا لحنان كي

يضع النقاط........... على الحروف

******************************************************************************

منذ انبلاجات الصباح الاولى كان جمال في منتصف الطريق نحو بيت احلام فقد قرر الانطلاق مبكرا قبل مغادرتها

البيت ومنى نفسه بان تاخد الامور هذه المرة منحى آخر وان يستطيع فهم حنان بل والاهم ان يستطيع هو

افهامها ما يريد وصل بعد دقائق الى البيت وقرع جرس الباب وما هي ثواني الا واحلام قد فتحته والدهشة بادية

على وجهها : جمال ؟ ما الذي اتى بك في هذه الساعة المبكرة؟

- صباح الخير, اسف على حضوري في هذا الوقت ولكني لا اطيق صبرا اكثر من هذا و ارغب في الحديث

الى حنان لو سمحتِ

- ولكن حنان ليست هنا لقد عادت الى منزل عمها

كان هذا دور جمال ليصاب بالدهشة فلم يسمع عن عمها من قبل وكانت معلوماته تنحصر في ان حنان يتيمه

الوالدين فقال في صوت متردد: عمها ؟ ولكن أليست حنان تسكن معك وان ليس لها عائلة من بعد رحيل والديها؟

تنهدت احلام وادركت بان جمال يجهل هذا الجزء الغامض عن حنان وبان عليها ان تشرح له فهو لن يتركها قبل ان

يفهم فقال: حسنا .... ان والدي حنان كما تعلم قد توفاهم الله في حادث منذ سبع سنوات ولكن لها عم لا يزال

على قيد الحياة وهو الوصي عليها والوحيد المتبقى من عائلتها

ازدادت حيرة جمال فبادر بسؤالها: ولكن طالما ان لها عم فلماذا تسكن معك هل لضيق ذات يده؟

- على العكس فعمها ذو منصب كبير ونفوذ في البلد ولكن زوجته لا تطيق حنان ولطالما اسائت معاملتها

وكما تعرف فحنان حساسة للغاية فلذلك كانت تهرب من جحيم هذه المرأة وتاتي لتسكن عندي من حين لآخر

لم يكن جمال مستعدا لان يترك هذا العائق يقف في طريقه فلا عمها ولا الف رجل سيمنعونه عن الوصول لحنان

فقال في صوت كله اصرار: حسنا واين يسكن عمها هذا؟

دهشت احلام هذه المرة ايضا فلو تتوقع بان يكون بهذه الجرأة فقالت في تردد : اعتقد ..... اعتقد انه ليس من

الملائم ان تذهب الى هناك فقد ......

قاطعها جمال وقد ازداد اصرارا وحزما : ارجوك يا احلام دعي هذا الامر لي فقط اعطني العنوان

لم يكن بيدي احلام الكثير لتفعله فوسط اصرار جمال وحزمه لم تقوى الا علي ان تمليه العنوان فانطلق فورا

نحوه دونما خوف ...... ودونما تردد

****************************************************************************


وقف جمال امام قصر منيف في احد الضواحي الفاخرة من المدينه فتقدم بضع خطوات ليقرع الجرس فحضر رجل

كبير السن كان من الواضح انه احد الخدم

- نعم ... تفضل يا استاذ؟

- مرحبا.... ارغب في الحديث الى الانسة حنان لو سمحت

- هل هناك من موعد سابق؟

- لا..... انا فقط شقيق احد صديقاتها و.....و اختي قد بعتت لها شيئا خاصا لابد ان اسلمه لها باليد

كان صوت جمال ونبرته يوحيا بالكذب والارتباك ولم يخفى هذا على الرجل الا انه لم يلقي بالا لهذا وقرر ان يخبر

سيدة البيت وان يترك الامر في يدها

- حسنا تفضل

عبرا الحديقة الواسعة الممتدة من البوابة الى باب المنزل ونادى علي سيدته فاذا بمرأة كبيرة قد ادركت

الستين من العمر او اقل قليلا تبدوا على ملامحها القسوة والبرود وتفحصت جمال من اعلى راسه الى اخمص

قدماه وقالت في صوت جامد يخلوا من أي ترحيب :

- نعم ؟...... ماذا تريد من حنان؟

صدم جمال من هذا الاستقبال البارد وادرك بان هذه المرأة هي زوجة العم الذي تحدثت عنها احلام فقال في
ارتباك :

- المعذرة ولكنه ..... ولكنه موضوع شخصي ارغب في ان احدث فيه حنان شخصيا

رفعت المرأة احد حاجبيها في حركة دلت على الاستهجان فردت في صوت قد ارتفعت نبرته هذا المرة :

اسمع يا سيد ... انك في بيت محترم وليس بامكانك الحضور كي........

قطع حديثها صوت حنان في دهشة : جمال؟؟

نسى جمال عند هذه النقطة وجود العجوز امامه والتفت بنظره نحو حنان التي قالت :

- لا باس يا خالة .... سوف اكلمه بنفسي

زمجرت السيدة في صوت دل على الضيق صائحة عند خروجها من الباب : هذا ما أنابنا من وجود هذه الفتاة

الوقحة في المنزل ..... سوف اخبر عمها.... سوف......

لم يسمعا بقية حديثها فقد صعدت الى الطابق العلوي و وسط استغراب جمال سألها: هل كانت زوجة عمك بهذه

القسوة معك دائما؟

صمتت حنان للحظة بدت في خلالها بوادر دمعة في عينها قبل ان تبتسم ابتسامة شاحبة :

لا بأس فهي هكذا دائما ... لقد تعودت على كلماتها ولم اعد اكثرت لها كثيرا ولكن اخبرني ... ما الذي اتي بك

الى هنا ؟ اعتقد ان احلام هي من اعطتك العنوان اليس كذلك؟

- نعم ولكني انا من اصررت على ذلك واردت ان اكلمك

- حسنا .... ماذا تريد؟

- حنان..... انا لم افقد الامل منك في المرة الاخيرة وقد اخبرتني احلام عن مرضك و رجعت الى نفسي

وادركت ان سعادتي تكمن في وجودي معك وان هذا المرض اللعين لن يقف في طريقنا ..... في المرة الاولى

لم تعطني جوابً وها انا اعيد سؤالي مرة اخرى.... حنان هل تقبلين الزواج بي؟

بهتت حنان وانسالت الدمعة هذه المرة وقالت في صوت ملأه الدهشة وسط بكائها :

هل ... انت مستعد للتضحية كي تتزوج من فتاة مصابة بمرض عضال ولم تعد لها في الحياة الا ايام معدودات ؟

....هل انت تحبني بكل هذا القدر؟

رد جمال فورا ودون أي تردد وقد تبادر الامل الى قلبه وان هذه المرة ستغير الحياة موقفها منه وستفتح له

ابواب السعادة ولو لمرة في حياته :

نعم يا حنان اني مستعد للتضيحية بكل شي ولا تقولي ان ايامك معدودات فالاعمار بيد الله وحتى لو كان مقدرا

لي ان اعيش يوما واحدا معك كزوج فيكفيني هذا

صمتت حنان وغلبها بكائها للحظات قبل ن تقف وتمسح دموعها وتقول في صوت جاهدت بان تخفي فيه ضعفها

وان تمزجه بلمحة من الحزم لم تجد له قوة في داخلها :

اسمع يا جمال .....انك شخص صادق ونبيل واخلاقك هذه تتمنى أي فتاة ان يحويها الرجل الذي سترتبط به

ولكنك لا تستحق هذا ...... لا تستحق ان تعيش مع زوجة قد اضناها المرض لا تستحق ان تتزوج من فتاة عاشت

نصف عمرها بين العيادات ومكاتب الاطباء وستعيش بقية ايامها تحتضر .... لا يا جمال انك .....

بترت جملتها ولم تعد تقدر ان تكبت دموعها بداخلها اكثر من هذا ولم تعد تستطيع ابقاء ذاك القناع الواهي من

الحزم الذي حاولت ايهام نفسها به فحاول جمال الحديث: ولكن يا حنا...

قاطعته بصوت مجهش بالبكاء : لا يا جمال انك تستحق افضل من هذا تستحق زوجة بكامل عافيتها , زوجة

تصونك وتحفظ بيتك , زوجة تعيش لك وتذكرك حتى بعد وفاتك لا ان تموت قبلك وان تتركك في حزن بقية

حياتك....... اسمع يا جمال ان عمي مسافر الى خارج البلاد لمدة طويلة وهو مصمم على ان اصحبه كي اتلقى

العلاج هناك وقد كنت رافضة هذا اما الآن فسوف اسافر معه .... ليس لكي اتلقى العلاج .. لا فقد فقدت الرغبة

في الحياة بل لكي ابتعد عنك ..... لكي اتركك لحياتك فانت لديك مستقبل اما انا فحتى الماضي لم يكن مزهرا

ولست ارى مستقبلي بافضل منه ........ انسني يا جمال .... انسى انك قد رأيتني في يوم من الايام ....انسى

كل النظرات التي تبادلنها وانت واقف على قارعة الطريق تنتظرني.... انسى الكلمات القليلة التي قلناها خلال

هاذان اليومان ......... اعرف بانك سوف تتعذب قليلا قبل ان تنسى ولكن صدقني ان نسياني يستحق هذا

العذاب فلعلك تدرك اني لست المناسبة لك.......... سارحل يا جمال وارجوك .......لا تذكرني

اكملت كلماتها وانطلقت باكية خارج الغرفة وتركت جمال في مكانه وقد ادرك حينها ان الامل الذي تبادر له منذ

دقائق ما هو الا وهم وان الحياة لا زالت تستمتع بتعذيبه بسادية مفرطة وان ليس لامثاله من مكان يحسون فيه

بالراحة وليس مقدرا لهم ان يشعروا بالسعادة بل مقدرا لجمال خاصة ان يحس بالعذاب وان يعيش طول عمره

في كنف البئس ....وفي كنف الحزن



انتهى بحمد الله

الأحد، 19 يوليو 2009

جـــــــــــــــــــــمال ....(3)





ضل جمال حائرا متخبطا طوال ذلك اليوم ولم يثلج قلبه إلا زيارة امه له التي ضلت معه حتى انتهاء وقت الزيارة

إلا انه على الرغم من حضور والدته فقد ضل مشغول البال متخيلا أسوأ السيناريوهات التي جعلت أحلام تقوم

بهذا التصرف الغريب ولكنه لم يشأ أن يقحم والدته في معمعة هذا الموضوع فانتظر حتى انصرافها ونادي

الممرضة متوقعا أن تكون أحلام هي من سيستجيب له إلا انه قد صدم بحضور ممرضة أخرى فسألها عن أحلام

فأجابته بان مناوبتها قد انتهت وإنها لن تعود حتى صباح الغد

يا الله ما لهذا العذاب الذي أعيشه هل علي الانتظار حتى الغد؟

هكذا حدث جمال نفسه وهو يتلهف شوقا كي يجلي الغموض عن أحلام وعلاقتها بحنان وسر ردة الفعل تلك

التي أثارت قلقه

أمسى تلك الليلة وهو يرنوا عقارب الساعة وكأنه بها تتثاقل عمدا كي لا يمر الليل وتطيل في عذابه مدى الحياة

ولعن جمال ذاك السرير الذي يكبله وتلك الآلام التي تجثم على صدره وتمنعه عن الحراك و القيام للبحث عن

أحلام فهي التي تملك مفاتيح اللغز

لم يدري كيف مرت تلك الساعات السقيمة من الليل إلا انه ضل مستيقظا ولم يغمض له جفن

واستمر في التقلب يمنة ويسرة في فراشه حتى انبلج الصباح فنادى على التمريض فإذ بأحلام تدلف إلى

الغرفة في تردد وهي تدرك بان جمال سيثقلها بالأسئلة والاستفسارات ولم يخب ظنها فقد بادرها بسيل من

الأسئلة حتى وجدت نفسها وقد غلبتها وترقرقت الدموع في عينيها هذه المرة أيضا فانتابه القلق وأحس بان

أحلام تخفي الكثير وراء دموعها وبان هناك شيئا مأساويا قد حدث لحنان فهوى قلبه بين قدماه قبل أن يسأل

بلهجة قد حوت الخوف أكثر من أي شيء أخر: هل..... هل حنان بخير , هل أصابها مكروه أم ماذا؟

ضلت أحلام صامته ودفق الدموع ينسال من عيناها حتى جن جنون جمال فانفجر صارخا في وجهها: ماذا حدث؟
تكلمي ؟

استفاقت أحلام من حالة الجمود التي أصابتها وردت عليه بصوت خافت يشوبه الحزن: لا ...اطمأن إن حنان على

ما يرام ولكنها .... ولكنها ...

بترت جملتها ولم تدرك بماذا تكمل حديثها فصاح بها جمال وقد ضاق ذرعا ولم يستطع احتمال عذابه أكثر من هذا
: لكن ماذا ؟

دهشت حنان من تصرفاته ولهفته وأيقنت أنها تقف أمام عاشق حقيقي قد أعمى قلبه الحب واستحكم فيه

بطريقة ندر أن توجد في هذا الزمان فاستجمعت قواها ومسحت دموعها وقالت لجمال : اسمع ... لن استطيع أن

أفيدك شيئا عن حنان فمن الأفضل أن تحدثها شخصيا لعلك تصل إلى مبتغاك

رد عليها واللهفة بادية على وجهه : ولكن هل تعرفينها؟ وهل تعرفين أين أجدها؟

- نعم فحنان صديقتي المقربة وهي تقطن في بيتي

فقال واللهفة تكاد أن تقتله هذه المرة : إذا فماذا ننتظر؟ علي أن أراها حالا

- ولكنك لا تزال تحت الملاحظة والطبيب لم يأذن لك بالخروج بعد؟

- لست أكثرت سأنتظر الطبيب لكي يأتي وسأطلب منه أن يكتب لي أذن الخروج فلست أطيق صبرا أكثر من
هذا

لم تستطع أحلام الرفض وسط هذا الإصرار من قبل جمال وأدركت بأنه لن يوقفه شيء عن مقابله حنان فوافقت

على أن ينتظر انتهاء مناوبتها

لم يمر وقت طويل قبل أن يمر الطبيب واطمأن على حالة جمال الذي لم يضطر لسؤال الطبيب للخروج من

المتشفى فقد قرر هذا الأخير أن حالة المريض الصحية تسمح له بالانصراف ولكنه شدد على الراحة التامة وعدم

الإجهاد فكاد جمال أن يطير فرحا بهذا الخبر ولم يبقى إلا أن ينتظر أحلام كي تنهي دوامها وهذه المرة أيضا لم

يطل انتظاره فقد مرت عليه في غرفته واصطحبته إلى منزلها....... حيث حنان

****************************************************************************


لم يدري جمال كم من الدقائق مرت في الطريق قبل أن يصل هو وأحلام إلى منزلها وفقد كان كل تفكيره منصبا

على حنان ولم تمضي ثوان حتى كانا يقفان على أعتاب المنزل فدلفت أحلام إليه أولا وهي تنادي : حنان ...

حنان لدي مفاجأة لك

ما هي إلا لحظات حتى ظهرت حنان إلى حيث تقف صاحبه المنزل وضيفها ولم تكد حنان تقع بنظرها على جمال

حتى ُبهتت من الدهشة وأصيبت بالصدمة وضلت واقفة على هذه الحالة لدقيقة أو بضع دقيقة قبل أن تقول

والدهشة لم تفارقها: انت؟!

لم يدرك جمال بدوره ماذا يقول فقد انتظر طويلا هذه اللحظة واذا بها تاتي دونما أن يعرف كيف يتصرف وأحست

أحلام بغرابة الموقف فحاولت إذابة الجليد بعض الشيء ودعت كلا منهما الى الجلوس وشرحت في اختصار

لحنان ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية ولم تكد تكمل حديثها حتى تنهدت حنان وطأطأت برأسها في خجل

وهي تقول: لطالما تسألت عن هذا الشخص الذي يرقبني كل يوم ولكني ..... ولكني لم أتوقع يوما باني سوف

اكون السبب في كل هذه الأحداث انا .... انا اسفة يا جمال لما أصابك بسببي

رد جمال : لا.... لا تتأسفي فلولا هذا الحادث لما كنت قد التقيت بأحلام ولا بكِ بالفعل ُرب صدفة خير من الف
ميعاد

احست حنان بان هذا الموقف لا يليق وبأنه يخالف كل أخلاقها وطبيعتها فقالت بحزم :

- عذرا ولكن هل لي ان اعرف ماذا تريد مني ؟

رد جمال في صوت قد شابه الارتباك والتردد : لقد ....لقد أعجبت بكِ من أول يوم رايتك فيه ...... انا .... انا اطلب

منك الزواج يا حنان فهل تقبلين ؟
ُ
صعقت حنان بهذا السؤال وانفجرت باكيه قبل إن تغادر مجلسهم وتتجه نحو غرفتها مغلقة عليها الباب فتبعتها

أحلام محاولة الدخول ورائها ولكن حنان كانت قد أغلقت الباب بالمفتاح فعادت إلى جمال الذي ارتبك وقال: ماذا

هل قلت شيئا اثأر انزعاجها إلى هذه الدرجة

دمعت عينا أحلام بدورها قبل أن تقول : الم تسال نفسك يوما لماذا حنان تتجه يوميا إلى حيث تسكن انت؟

أحس جمال بالقلق من هذا السؤال الذي لم يفكر فيه سابقا إلا انه قال في تساؤل : لماذا ؟ أظن أنها تدرس

هناك او شيء من هذا القبيل ؟

ردت أحلام وقد أجهشت هذه المرة في البكاء : لا يا جمال إنها تذهب يوميا الى المركز الطبي الموجود في

حيكم ..... إنها تتلقى جلسات علاج يوميه....فهي .... فهي مصابه بالسرطان

وحينها أحس جمال بالأرض تهوي تحت أقدامه وارتمى على اقرب كرسي لدقائق قبل ان يندفع خارج المنزل وهو

لا يدري اين يذهب


كونوا في انتظار الجزء الرابع

الجمعة، 3 يوليو 2009

جـــــــــــــــــــــمال ....( 2 )



وتوالت الايام والاسابيع وجمال لا يزال تحت رحمه رب عمله الذي يضيق الخناق عليه ولا تزال حنان هي المصل

الذي يشفيه من عذابات حياته المرة الى غايه ذاك اليوم عندما قبع جمال في نفس المكان الذي اعتاد ان يقف

فيه منتظرا مرور من يهواها ولكنه لسبب قد احس بشعور غريب يخالج قلبه شعور لم يرتح له ولم يدري السبب

لذلك فحاول ان يتناسى هذا الشعور ولكنه لم يلبث ان يزداد فقد قاربت الساعة الثامنه والنصف وحنان لم تحضر

بعد فهي لم تتاخر يوما عن الساعة الثامنه

ولم يستطع الانتظار اكثر من هذا وقرر ان يواصل المسير الى المحل ولاول مره منذ بداية عمله لدى السيد

عثمان قد استمع جمال الى موشحه الصباحي السقيم الا انه ضل شارد الذهن طوال اليوم بل كان كالميت الحي

لا يكاد يتكلم وان تكلم فلا يجيب الا بكلمه نعم او لا حتى وان كان محدثه يساله عن اسمه مثلا فقد كان جمال

غائبا عن وعيه واستمر الحال طوال اليوم حتى انتصف النهار واقتربت نهايه الدوام واتجه جمال الى خارج المحل

مغادرا اياه الى منزله ومر بجوار مكانه الصباحي المعتاد وكانه ينتظر ان يرى حنان واقفه هناك ولكنه ادرك بانه

لن يحصل شيء في هذا اليوم المشؤوم فاكمل طريق وقطع الشارع الذي يفصله عن منزله و في وسط شروده

لم ينتبه لتلك السيارة المسرعة التي اتت عن يمينه واحس بتلك الكتله المعدنية ترتطم به وترميه امامها

لمسافة ليست بالقليله وحاول عبثا ان ينهض او ان يرفع راسه قليلا ولكنه لم يستطع وكان اخر ما سمعه جمال

قبل ان يفقد وعيه كان صراخ امه منادية باسمه في لوعة وهي ترى ابنها مرمي علي الارض مضرجا بدمائه

ولكنه لم يستطع ان يرد عليها فقد انتقل الى عالم اخر........ عالم اللاوعي

*******************************************************************

استيقظ جمال على صوت هادئ : سيد جمال , سيد جمال هل استيقظت؟

فتح عينيه ببطى وهو يغشى ذالك الضوء المنبعث من اعلى الغرفة التي يرقد فيها ولم يلبث ان يحيد بنظره

قليلا حتى وقعت عيناه على وجه ملائكي ينظر اليه

في اهتمام لم يستغرق وقتا طويلا قبل ان يدرك بانه مصدر الصوت الذي كان يساله قبل ثواني واختلطت

الاحداث عليه وسط ذاك الضباب الذي يكتنف عقله ويمنعه عن التفكير بوضوح ومرت لحظات قبل ان يستجمع

قواه ويتسائل : اين انا؟ ,ما الذي حدث؟ ردت صاحبه الوجه الملائكي : انت في المستشفى يا سيد جمال الحمد

لله على سلامتك فقد صدمتك سيارة ولكن اصاباتك ليست بالخطيره وسوف ياتي الطبيب في الحال كي يطمأن
عليك

حينها فقط استحضر تلك اللحظات وتذكر ما حصل له واسترد حضوره الذهني وحوال ان يعدل من جلسته الا انه

تناسى هذه الفكرة بعد الالم الشديد الذي احس به في كل انحاء جسمه وآثر الانتظار لحضور الممرضة التي

خرجت لمناداة الطبيب

لم تمر دقائق حتى عادت برفقة الطبيب الذي استقبل جمال بابتسامة هادئه مطمئنا علي حاله بكلمات رقيقة قد

نمت عن خلق الطبيب الذي اكمل الفحص معقبا

ببعض التعليمات للطاقم الطبي المصاحب له و بتمنياته الصادقة بسرعة الشفاء

خرج الطبيب ومن معه ولم يبقى معه في الغرفة الا احلام الممرضة التي كانت معه سابقا فالتفتت له وقالت

بابتسامه ذات مغزى: اثناء غيبوبتك كنت تقول اين انت؟ لماذا لم تحضري لقد شغلتني؟ اعرف بالطبع انك كنت

تهذي ولكن لا بد ان تكون هذه الفتاة قريبة من قلبك للغاية كي تشغل فكرك حتى وانت غائب عن الوعي

حينها انتفض قلب جمال واسترجع كل مشاعره وارتسمت ابتسامه حانية علي طرف شفتاه قبل ان يتذكر بانها

قد غابت في ذاك اليوم ولاذ بالصمت قليلا حتى احست احلام بالحرج قبل ان تعتذر له في صوت شابه الخجل:

آسفة ....لم ...لقد كان سؤالي سخيفا اعت...

قاطها وقد ادرك انه بصمته قد وضعها في موقف حرج : لا ابدا ليس هناك ما يستحق الاعتذار ولكني فقط قد

تذكر شيئا ازعجني بعض الشي

احست احلام بان في جعبته الكثير ليحكيه ولكنها احست بالحرج من سؤاله عن ذلك الا ان فضولها الانثوي لم

يلبث ان يتغلب عليها وسالته : هل هي قصة حب ؟

لم يدرك جمال لماذا احس بالارتياح لهذه الفتاة ربما بسبب الحمل التقيل على كاهليه , شعر بانه قد يحس

بالارتياح اذا فضفض عن مكنونات نفسه فبادرها بالسؤال؟ هل لديك الوقت لتسمعي حكايتي؟

ردت احلام وقد التهبت قريحتها لسماع قصته : كلي آذان صاغية

فتنهد تنهيده حارة وابتدا يحكي قصته مع تلك الفتاة الغامضة التي عشقها حتى اليوم الذي غابت فيه ودخل

على اثره المستشفى ولم يكد يكمل آخر كلماته حتى حل الوجوم على وجه احلام وتبدلت تعابير وجهها قبل ان

تسال جمال في صوت متردد: هل.... هل هذه الفتاة اسمها حنان؟

ذهل جمال قبل ان يرد: نعم هي حنان .... اتعرفينها؟

عند هذه النقطة ترقرقت الدموع في عيني احلام ولم تستطع ان ترد على سؤاله فاندفعت الى خارج الغرفة
وتركت بطلنا في حيرته